مُصمم السيولة في بورصات العملات الرقمية: آلية صانع السوق

في عالم تداول العملات الرقمية السريع، صانعو السوق هم الأبطال الصامتون الذين يضمنون بقاء التداول حيًا. بدون هذه الشركات والأنظمة الخوارزمية، كان المشترون والبائعون سينتظرون أوامر لساعات، وتتقلب الأسعار بشكل جنوني. أما صانعو السوق، فيوفرون فرص شراء وبيع في أي لحظة، ويقللون الفجوات السعرية الواسعة، ويضمنون عمل البورصات بسلاسة.

ما هو صانع السوق؟ شرح بسيط

في نظام العملات الرقمية، صانع السوق هو مؤسسة أو نظام خوارزمي متخصص يضع أوامر شراء وبيع مستمرة لأصل رقمي معين. بدءًا من المؤسسات المالية الكبرى مثل Wintermute و GSR و DWF Labs، وصولًا إلى السيولة التي توفرها بعض المستثمرين الأفراد من خلال أوامر الحد.

باختصار: صانعو السوق دائمًا يقولون “أنا أشتري” و"أنا أبيع". هذا العرض الثنائي يتيح للمستثمرين العثور على طرف مقابل عند رغبتهم في التداول.

بدون هذا الزوج من السيولة في البورصات المركزية (CEX) واللامركزية (DEX)، يتوقف تداول العملات الرقمية تمامًا. كانت تظهر مشاكل مثل الفجوات السعرية الكبيرة، وتقلبات الأسعار الجنونية، وعدم القدرة على تنفيذ عمليات كبيرة.

كيف يربح صانع السوق المال؟

بينما يحقق المستثمرون أرباحًا بشراء منخفضًا وبيع مرتفع، يحقق صانعو السوق بشكل أساسي من فرق السعر بين العرض والطلب (bid-ask spread). على سبيل المثال، عندما يكونون مستعدين لشراء بيتكوين بسعر 100,000 دولار، ويعرضون بيعه بسعر 100,010 دولارات، فإن هذا الفرق البالغ 10 دولارات هو ربحهم.

عند تكرار هذه العمليات لآلاف المرات، تتحول هذه الفروق الصغيرة إلى تدفق دخل مهم. يدير صانعو السوق مخاطرهم من خلال حماية مراكزهم من تقلبات الأسعار، وغالبًا ما يستخدمون خوارزميات التداول عالي التردد (HFT) التي تنفذ آلاف العمليات في ثوانٍ قليلة.

صانع السوق مقابل المشتري: ما الفرق؟

هذان النوعان من المشاركين هما وجهان لعملة واحدة في سوق سيولة:

صانع السوق: هو من يضع أوامر شراء وبيع جاهزة عند سعر معين. ينتظر في دفتر الأوامر حتى يأتي الطرف الآخر. هو من يوفر السيولة.

المشتري: هو من يقول “اشترِ الآن، وبيع الآن”. يقبل السعر الحالي للسوق، ولا يضيع وقتًا. هو من يسحب السيولة من السوق.

نظام متوازن جيدًا بين الصانع والمشتري يقلل من انزياح السعر، ويزيد من عمق دفتر الأوامر، ويخفض تكاليف المعاملات لجميع المشاركين.

كبار صانعي السوق الذين سيشكلون سوق العملات الرقمية في 2025

Wintermute: رائد في الحجم والتكنولوجيا

تشتهر Wintermute باستراتيجياتها المتقدمة وشبكتها الواسعة. حتى فبراير 2025، تدير أكثر من 237 مليون دولار من الأصول على أكثر من 300 عقد ذكي عبر أكثر من 30 بلوك تشين. توفر السيولة لأكثر من 50 بورصة عالمية، وبلغ حجم التداول التراكمي حتى نوفمبر 2024 حوالي 6 تريليون دولار.

نقاط القوة: تغطية واسعة على البورصات المركزية واللامركزية، خوارزميات متقدمة، سمعة قوية في القطاع.

القيود: منافسة مع لاعبين كبار آخرين، تركيز أقل على الرموز الصغيرة، قد لا يكون الخيار الأمثل للمشاريع في مراحلها المبكرة.

GSR: خبرة عميقة وخدمات متنوعة

بخبرة تزيد عن عشر سنوات في تداول العملات الرقمية، تقدم GSR خدمات صانع سوق، وتداول OTC، وتجارة المشتقات لمنشئي الرموز، والمنصات التجارية. حتى فبراير 2025، استثمرت في أكثر من 100 مشروع وبروتوكول في نظام Web3، ووفرت السيولة لأكثر من 60 بورصة.

نقاط القوة: دعم عميق للسيولة، وجود طويل في الصناعة، تركيز على إطلاق الرموز.

القيود: تستهدف مشاريع أكبر، الحلول الخاصة مكلفة، رسوم الخدمة مرتفعة.

( Amber Group: دمج الذكاء الاصطناعي

تخصصت Amber Group في أسواق الأصول الرقمية، وتدير حتى 2025 حوالي 1.5 مليار دولار من رأس مال التداول لآلاف العملاء المؤسساتيين. تجاوز حجم التداول التراكمي تريليون دولار.

نقاط القوة: خدمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حزمة مالية شاملة، تركيز قوي على إدارة المخاطر.

القيود: متطلبات دخول عالية، تركيز متعدد المجالات، غير مناسبة للمشاريع الصغيرة.

) Keyrock: تحسينات تعتمد على البيانات

منذ 2017، تدير Keyrock أكثر من 1300 سوق و85 بورصة، وتتعامل مع أكثر من 550,000 عملية يوميًا. تقدم خدمات صانع سوق، وتداول OTC، وحلول خيارات، وحلول إدارة الخزينة.

نقاط القوة: خوارزميات التداول وتحسين السيولة، حلول تنظيمية مخصصة، منهجية تعتمد على البيانات.

القيود: موارد محدودة، أقل شهرة، رسوم عالية على الخدمات الخاصة.

DWF Labs: تميز بالاستثمار المبكر

تدير DWF Labs محفظة لأكثر من 700 مشروع، وتدعم أكثر من 20% من أفضل 100 عملة من حيث القيمة السوقية، وأكثر من 35% من أفضل 1000. توفر السيولة في الأسواق الفورية والمشتقات لأكثر من 60 بورصة رائدة.

نقاط القوة: سيولة سوقية واسعة، حلول OTC تنافسية، استثمارات في المراحل المبكرة.

القيود: تعمل فقط مع مشاريع ومنصات من المستوى الأول، إجراءات تقييم صارمة.

ماذا تقدم صانعات السوق للبورصات؟

عمق السيولة وتدفق الحركة المستمر

تقدم صانعات السوق أوامر شراء وبيع مستمرة، وتحافظ على دفتر الأوامر حيًا. عندما تريد شراء 10 بيتكوين، بدون السيولة، قد ينفجر السعر، لكن مع صانع السوق، يتم التنفيذ بسلاسة.

استقرار السعر وتهدئة التقلبات

طبيعة سوق العملات الرقمية متقلبة، لكن صانعات السوق تعدل الفجوات السعرية بشكل ديناميكي، وتثبت الأسعار. عند هبوط السوق، توفر دعمًا للمشترين، وعند ارتفاعه، تخلق ضغط بيع، مما يمنع تقلبات مفرطة.

تقليل تكاليف المعاملات

الفجوات السعرية الضيقة تعني توفيرًا في كل عملية. يمكن للتجار الشراء بأقل، والبيع بأعلى، وتقليل التكاليف.

دعم إدراج الرموز الجديدة

عند إدراج رموز جديدة، يكون السيولة المبكرة حاسمة. توفر صانعات السوق السيولة في المراحل المبكرة، مما يساعد على انطلاقة ناجحة للمشاريع.

زيادة إيرادات البورصة

الأسواق الأكثر سيولة تجذب المزيد من المتداولين، مما يؤدي إلى حجم تداول أعلى وزيادة الإيرادات من الرسوم.

مخاطر تواجهها صانعات السوق: تحديات غير مكتوبة

بالرغم من كل هذه الفوائد، تواجه صانعات السوق مخاطر كبيرة:

تقلب السوق: يمكن أن تتغير أسعار العملات الرقمية خلال ثوانٍ. إذا لم تعدل أوامرها بسرعة كافية، قد تتعرض لخسائر غير متوقعة.

مخاطر المخزون: توفر السيولة عبر الاحتفاظ بكميات كبيرة من العملات. إذا هبط السعر بشكل حاد، تنخفض قيمة الأصول، وتتكبد خسائر فادحة.

مشاكل تقنية: أخطاء في النظام، هجمات إلكترونية، أو تأخيرات في الشبكة، قد تفسد استراتيجيات التداول وتسبب خسائر مفاجئة. خاصة في الأسواق السريعة، التأخير مكلف.

عدم اليقين التنظيمي: تختلف قوانين العملات الرقمية بين الدول. التغييرات المفاجئة في القوانين تؤثر على صانعات السوق، وفي بعض المناطق قد تُصنف على أنها تلاعب بالسوق. الشركات التي تعمل على مستوى عالمي تواجه تكاليف امتثال عالية.

الخلاصة: العمود الفقري لسوق العملات الرقمية

صانعات السوق هي العمود الفقري لتداول العملات الرقمية. بدونها، سيكون التداول غير فعال، مكلف، ومتقلب. توفر السيولة باستمرار، وتثبت الأسعار، وتحافظ على حيوية السوق، وهي تعمل خلف الكواليس في كل عملية، حتى لو لم يلاحظها المتداولون.

رغم أن صانعات السوق ضرورية للسيولة، والاستقرار، والكفاءة، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة من مخاطر السوق، وعدم اليقين التنظيمي، والتحديات التقنية. مع نضوج سوق العملات الرقمية، ستصبح أدوار هذه الآليات أكثر أهمية—لخلق سوق أصول رقمية أكثر توازنًا، وصولًا، وكفاءة.